الأربعاء، 8 يوليو 2009

بين الدين و العلمانيه..رؤيه شخصيه للتوافق.


بدايةً فإن ما أكتبه يعبر عن رأيى الخاص و لا أقول بأنه معبر عن احد إلا انا.

و حتماً سيغضب الكثير من أصدقائى العلمانيين..و بعضهم سيختلف معى و لا يغضب.

و حتماً سيغضب الإسلاميون..لأنهم يرون العلمانيه مضاد للدين.

و الأكيد أن أحداً لن يتفق يوماً مع الآخر كليةً و هذا أفضل، لأن لا احد يحتكر الحقيقه إلا الديان..و كل انسان له حتماً جانب صوا و ىخر خاطئ..و هنا أقدم اجتهادى فى هذا الجانب.

لفت إنتباهى عبر الكثير من الكتابات و التعليقات ان هناك من يضع علاقة الدين و الدوله فى أقصى اليمين و العلمانيه فى أقصى الشمال معتمداً على رؤية أن العلمانيه تتنافى حتماً مع أى رابط بين الدين و الدوله،و لطرافة الفكره و إثارتها و كونها نقطه محوريه فى تعريف العلمانيه فقد رأيت أن أطرح وجهة نظرى هنا فى العلاقه بين الدين و الدوله فى إطار رؤيه علمانيه معتدله بها نوازن بين الفصل المؤدى للعلمانيه و طبيعة وجود الدين بالدوله فى إطار هذا الفصل . و لكن لى كلمه أقولها لكل علمانى أياً كان: قبل أن تفكر..قبل أن تُنَظِر لأى رؤيه..قبل أن تتحدث بفكره..أُنظر الى حيث تقف..على أرض مصر..لا تتخيل أنك فى فرنسا فتطلب علمانية فرنسا..لا تسأل عن علمانية تركيا مادمت لست فيها..فقط أنشئ مدرستك العلمانيه الخاصه فى بلدك.. إن من مآسى علمانيى مصر و العرب أن منهم من يفقد إتصاله بالأرض حيث يقف و ينسى تلك البيئه حيث نشأ ، ينسى ما يناسبها و ما يتضارب معها و من أجل هذا تسوء سمعة العلمانيه،أفهم أن هناك من يسئ لها من أعدائها و لكن ماذا عنا..نحن كذلك نسئ لها عندما نفقد الإتصال بين العقل حيث نفكر و الأرض حيث نحيا ، لا تنسى دينك..لا تنسى قيمك الدينيه..لا تنسى أبداً صحيح عاداتك و تقاليدك..لا تنجرف وسط أمواج غربيه أنت لا تقبل بنتائجها..فقط تذكر الدين و الأرض و البشر و بعدها لا تنسى اهم شئ ، أن العلمانيه إجتهاد بشرى قابل للتعديل.. و التغيير من الداخل.

*أُسس علمانيه لا بديل لها:

----------------------------------

المواطنه الكامله بين كل أبناء الدوله.

الدوله مؤسسات متعدده ينظمها الدستور لا تدخل فى شئون أى منها من أى مؤسسه دينيه أو غير دينيه

. الدستور هو المرجعيه الوحيده للدوله حيث ينظم شئونها بالكامل و يضم (مصادر) التشريع و الحكم .

*وضع الدين فى إطار العلمانيه:

----------------------

ليست المسأله معقده أو سيئة السمعه للدرجه التى نتصورها..الدين فى إطار علمانى له شقين ، الدين كدين و الدين ككيان من حيث علاقته بالدوله..

الدين كدين فى رؤيه علمانيه:

فى أى إتجاه فكرى لا الحادى كالعلمانيه ، و فى أى مدرسه من مدارسها تجد وضع الدين هو الإحترام له كدين يتعبد به البشر..مع إتيان حرية كل إنسان فى تغيير دينه كحريه داخليه لا مجال لأحد فى الحجر عليها و تقييدها أو فرض الوصايه عليها،فالدين له إحترامه التام كعقيده يدين بها الانسان و كعلاقه خاصه بين الانسان و ربه. الدين و علاقته بالدوله: هنا تعددت الإتجاهات عبر مختلف المدارس العلمانيه شرقاً و غرباً..و نستطيع تصنيفها لمدرستين:

*المدرسه الغربيه :

التى تطورت عبر القرون 19/20من الفصل الجزئى بين الدوله و الدين الى الفصل الكلى بينهما..و نماذج العلمانيه هى السائده فالعلمانيه هى الرؤيه الأساسيه التى تسير عليها دول الغرب بالكامل مع إختلاف تفاصيل كل دوله عن الأخرى فى طرق التطبيق مفهوم الحريات و هذه المدرسه الغربيه تفصل فصلاً كاملاً بين الدين و الدوله فى شتى المجالات بلا إستثناء بشكل كامل و تام أدى فيما بعد لتوليد مصطلحات كالحداثه و غيرها من نواتج العلمانيه المطلقه و الشامله و تلك نماذج:

*اليونان:تربط اليونان بين الكنيسه و الدوله فى نقاط عده،مع الإحتفاظ بالهويه العلمانيه،و لتأثرها بتاريخ الإحتلال العثمانى فقد أرست وضعاً متميزاً لكنيستها للتدليل على الهويه المسيحيه للدوله فى مواجهة التغريب لتلك الهويه و من جانب آخر إحتفظت بالعلمانيه كرؤيه منظمه للدوله.

*فرنسا:فرنسا من البلاد المؤسسه للفكر العلمانى إن لم تكن أولها تطبيقاً و لكن تصنع عدة قيود (فى التطبيق الفعلى) على الحريات لصون رؤيتها للعلمانيه و من أشهر نماذجها الآن الحجاب و النقاب و الصلبان الكبيره و القلنسوه و غيرها مما تعده شعارات دينيه تؤثر على الهويه العلمانيه للدوله .

*إنجلترا: تختلف إنجلترا عن فرنسا فى جوانب التقييد فهى لا تمناع فيما تعتبره فرنسا رموز مؤثره على العلمانيه فتسمح بالحجاب بلا قيود تقريباً و كذلك النقاب و كل ما ذكرته..و تعطى مجالاً هائلاً للحريات بشكل يجعلها من أوائل الدول فى الإنفتاح الثقافى و الدينى عالمياً..و بالتالى تعد علمانيتها عند الكثيرين أفضل من علمانيات عديده أوروبيه كفرنسا.

*تركيا: أشعر بالأسف من هذا النموذج الذى هو أسوأ نموذج على الإطلاق وسط علمانيات عالميه ، فقد اختلطت آراء مؤسس الدوله بالعلمانيه بالقوانين الإستثنائيه بكل ما نتخيل حتى صارت تركيا دوله لا تحمل مواطنه كامله و لا ديموقراطيه كامله بل منقوصه و لا إحترام لإرادة الشعب و الغريب أن دوماً تتمحور ردود الإتحاد الأوروبى حول رفض إنضمام تركيا له حول نقاط الحريات و الديموقراطيه و هى مبادئ علمانيه أساسيه ؟؟؟؟!! و للمزيد:

http://jaridtak.com/articles/display_article.php?id=1457 •

المدرسه الشرقيه :

التى نجد نماذجها فى تجارب فكريه عبر مفكرين مستقلين أو حزبيين فى منطقتنا العربيه و فى مصر..و هنا اشير الى نماذج عديده ابرزها حزبى الاحرار الدستوريين و الوفد اللذان شكلا منبعاً للرؤيه العلمانيه العربيه..و على الرغم من قصر حكم حزب كالوفد الا انه رسخ رؤيه فكريه علمانيه للحكم و كذلك الاحرار الدستوريين على الرغم من قلة التاييد الشعبى لهم الا انهم امتازوا عن الغير بمن فيهم الوفد باعلام فكريه كبرى..ما يهم هنا هو القول بأن المدرسه العلمانيه العربيه أفرزت العديد من التطبيقات الليبراليه العلمانيه أشهرها مطلقاً التجربه الليبراليه 1923/1952. و هنا نجد تساؤل..

ماذا عن وضعية الدين هنا من الدوله؟

--------------------------

أجيب أن هذه الوضعيه أبداً ما كانت غربيه أو مقلده حيث آمن المشرع وقتها بضرورة صناعة دوله مدنيه ملكيه حديثه على الغرار الغربى لكنه لم يتجاهل الأرض حيث يقف فوجدنا: لم يفصل المشرع تماماً بين الدوله و الدين فنجد الأحوال الشخصيه و القضاء الشرعى(و لا تحدثونى عن الغاؤه و تقولوا الغاه العلمانيون بل قولوا الغاه البعض لخلافات سياسيه.. و ليس بسبب العلمانيه) فكان وجودهما لا يؤثر فى رأى و رؤية العلمانيين للدوله. ،كذلك وجدنا وضع ممتاز لكافة الجمعيات و المؤسسات الدينيه مسيحيه و إسلاميه و على رأسها الأزهر الذى و بفضل الرؤيه العلمانيه كان مستقلاً تماماً و حقاً و له وضع مالى نتمنى أن يعود فى أيامنا هذه..و لعل الفضل هنا ليس للوفد أو غيره كليةً حيث أن ثمرة نضال الشعب هو دستور 1923 الذى أقر هذا كله و شارك فيه وفديون و غير وفديون. لذا تمتاز المدرسه العربيه عامةً برؤيه أكثر إعتدالاً من الرؤيه الغربيه التى تُعَلمِن بلا حدود او وضع معين للدين فى دستوره يحفظ قيم او اخلاق. مدرستين مختلفتين..أشرت اليهما ، فماذا عن رأيى الخاص كليبرالى أصنف نفسى كعلمانى معتدل؟..الامر أسطره فى إيجاز كالآتى:

• لا مجال عندى لفصل كلى بين شئون الدوله كليةً و الدين فهذا أمر يولد خطايا عديده..و مآسى مؤلمه..و إنهيار حتمى لبنية المجتمع لتنشأ بنيه أخرى مهتزه مليئه بالثقوب فلن تسحب الدين كليةً من شئون الدوله و تتصور بقائه هكذا بلا تاثير..او خطوره.و بالتالى احدد مجالات الفصل و الربط:

الفصل بين الدين و شئون الدوله:

-------------------------

هنا الفصل عندى له مجالات محدد لتحقيق مبدأ المواطنه:

*كل شئون الحقوق و الواجبات و الاداء المدنى و التجارى بحيث لا يتميز حامل للجنسيه عن آخر فى اى شان من هذه الشئون مطلقاً،و يكون اصل الفصل هنا عدم ايجاد تمييز بين مواطن و آخر على اساس الدين فلهم نفس التعامل حقوق و اداء وواجبات.

*كل شئون الحقوق و الواجبات و الأداء السياسى بكل شئونه و أحواله حيث لو تم الربط بين الدين و هذا الجانب فماذا ينتج عن الربط؟..حتماً مزايا لصاحب دين ضد إنتقاص للآخر..و هنا ذلك الفصل حتمى فى رأيى و لا أجد له بديلاً إذ أنه الوسيله الوحيده التى تجنب مصير جنوب السودان أو سنة إيران مع العلم بأن كل هذا لا فائده من بدون ديموقراطيه كامله.

* الإمتيازات التى تُمنح لأى مؤسسه دينيه..فالفصل هنا بين دين الغالبيه و الدين الرسمى للدوله ضرورى و إلا وجدنا امتياز لمؤسسه دون الأخرى مالى أو حضور رسمى أو غيره..و أرجو التركيز على المقصود بالفصل..هو ألا نميز على أساس دين الغالبيه أو دين الدوله الرسمى.

الربط بين الدين و شئون الدوله:

----------------------

للربط جوانب محدده سلفاً:

*تحديد دين رسمى للدوله فى الدستور(دون مذهب محدد)..و الحرص على إبرازه.

*إيجاد رابط بين التشريع و الدين بحيث لا تنقطع الصله و لا تصدر قوانين مخالفه لمبادئ الشريعه أو الاداب العامه(كاباحة الاجهاض مطلقاً و الشذوذ و غيره)..و الحفاظ على المرجعيه الدينيه الكامله للأحوال الشخصيه مسلمين و غير مسلمين.

*توضيح أن الدين جزء من جذور و تاريخ البلاد(أتكلم عن مصر)،و عدم إهماله تاريخياً و نقد ما ارتبط به من ظواهر سياسيه فاشله و استبداديه حتى ننقيه من شئون غير مرتبطه به أو نحرره مما إندس عليه.

* الدوله ترعى المؤسسات الدينيه الرسميه(الأزهر مثلاً و الكنيسه و غيرها)..رعايه متساويه مادياً و أدبياً.

هنا حتماً سؤال:..لماذا هذا الدور الدينى؟ أجيب عبر الآتى:

**فصل كامل للدين معناه فقدان جزء من الهويه تماماً.

**الدين هو حافظ الأخلاق الحقيقى و حافظ المجتمعات من التفكك و راعى الضمير الحقيقى.

**الدين ليس طعام وشراب بل هو روح..فهل نأخذ الماده و نترك الروح؟..و لو فى شئون الدوله؟

**واقع مؤلم تحياه دول الغرب التى فصلت تماماً بين الدين و الدوله إجتماعياً و خلقياً.

**بلادنا لها طبيعتها المتعبده و المتدينه و ليس من المقبول أن ننتزع دور الدين مع هذه الطبيعه.

**الفصل التام بين هذا و ذاك فشل..و تركيا نموذج..تونس نموذج..فقدان الروح عند الغرب دليل.

نهايةً:

------

أنا ليبرالى..أميل للعلمانيه المعتدله..أرفض البعد عن الدين..أرفض البعد عن الأخلاق..أرفض فصل الدين عن الحياه..أرفض فصل الدين كليةً عن شئون الدوله..أرفض الشذوذ باسم حقوق الإنسان..أرفض الزنا باسم حقوق الإنسان..و بإسم حقوق الإنسان أرفض إجبار محجبه على خلع الحجاب إلا لدواعى النظافه و شروط المهنه..و منتقبه على خلع النقاب إلا للدواعى الامنيه المباشره..و باسم حقوق الإنسان أرفض إجبار غير محجبه على التحجب أو الإنتقاب.. هذا رأيى أحدده آملاً أن يكون هذا التفصيل كافياً..و أرجو ألا أكون قد أهملت عنصر أو أسأت الشرح..الى اللقاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق