الاثنين، 9 فبراير 2009


يحضرنى دوماً ذلك المشهد الغريب الذى يفضح آفة تغليف مساعى الحكم بالدين، و لا أدرى هل العيب كما اتوقع من ردود القراء فىَّ انا لأنى اتناول هذا الأمر أم أن العيب فيمن جعل نفسه مثاراً للجذب و الشد عبر التاريخ معلياً ( حسب إجتهادى) مصالحه السياسيه الخاصه على الصالح العام الإسلامى...إنه مشهد التحكيم.
للقصه أصول لا أجتهد فيها بل أنقلها عبر ما قرأت من كتب و عبر روايات أهل السنه و من وقائع التاريخ و من احاديث البخارى و مسلم ، و لكن هل ما اطرحه من محركٍ للموضوع و به إجتهادى صحيح أم لا هذا أتركه لكل قارئ.
بدايةً فإن العرب تاريخياً كانوا اكثر المم تنازعاً و بعداً عن الدوله المركزيه الموحده التى كانت تتمثل فى دول الحضارات الفرس و الروم..كانت الأوضاع فيما قبل لإسلام قائمه على الصالح القبلى و إعلاء قيم القبيله و شيوخها على القيمه العربيه الموحده ، هنا و فى تلك الظروف المعروفه من تنازع غير أخلاقى بين تلك القوه العربيه النائمه بدت ملامح جديده للنهضه تتمثل فى دين جديد ظهر بالجزيره ، كان ضعيفاً و بدات قوته تشتد و قبل مرور عقدين تحول الى قوه ضاربه إمتدت لتصل فى مراحل تاليه الى كل الجزيره العربيه لأول مره فى تاريخها كقوه مُوَحِده و الى أذريبجان و الى جبل طارق و فارس مُحطمةً كل ما إعترض طريقها من قوى عسكريه كالروم و الفرس ، حتى هنا كانت الأوضاع العربيه ممتازه فالعهد منذ الرسول لأبى بكر و عمر بن الخطاب ممتد فالمسلم كالمسلم الآخر عربياً أو أعجمياً و ملامح المواطنه تمتد بدرجه أولى بين الجميع و بخلاف بعض الحوادث و الأخطاء كانت الدوله تستوعب كليةً كل العناصر غير المسلمه فى داخلها كمواطنين محققين ما فهموه من الدين بأن تلك الحقوق المتساويه دون تفضيل لبنى قبيله أو لعرب هو مفتاح النجاح فى وجه قوى تتناحر من الداخل و على رأسهم البربر و الروم مضيفين الى ذلك ما سنه الرسول و عمل به أبى بكر و أكده حتى النهايه عمر بمحاسبة الحاكم و خلعه و إعتبار الولايه من الناس و بالتالى فهم من يحاسبون الحاكم كما أتوا به و أنه لا حصانه له أمامهم عاملين بالشورى التى تجعل رأى الفرد واجب و نقده حسن و شكواه أمر جلل لا بد من النظر و التفيذ فيه.
حدثت الحادثه و مات عمر بن الخطاب مقتولاً و تبدت ملامح موقف غريب فليس هناك من يعدونه نائباً عنه فيتولى و لا يوجد من تحدد له الأمر و لم يتحدث أحد من قبل فيمن سيخلفه...إجتمع الصحابه و حول سرير الموت جمعوا الرأى و طلبوا من بن الخطاب أن يحدد فيمن يتوسم الخلافه من بعده ، و كعادته كان بن الخطاب لا يرغب فى مظلمه فنهر من طلبها لولده و حدث أن رفض تحديد أحد من بعده لئلا يحاسبه الله إن ظلم ، فمازالوا به حتى عاد و قال فلتكن فى عشره و منهم تختارون هنا كان الأمر متميزاً فالعشره من أفاضل الصحابه و أكثرهم خبره و كفاءه و من رأى عمر ان لا أحد يفوق فى العمل الصالح و الكفء المبشر بالجنه.
مات عمر و نعا الناس ذلك العملاق صاحب الخلق الذى كان إن أخطأ عاد و تاب و رجع الى الله سائلاً االغفران باكياً حاله إن لم يرحمه الله.
و هنا بدأت المناظره بين المرشحين العشره ، كان البادئ عبد الرحمن بن عوف الذى قال بخلع نفسه زاهداً فى الولايه كارهاً لما قد يعطيه ذنباً يوم الدين و ما من ذنب أعظم من ذنب من تولى و ظلم؟
صار العدد تسعه و تحول العاشر من مرشح لمنظر بينهم...سريعاً مرت المناظرات و تقلص العدد الى إثنين..(عثمان بن عفان) و (علىّ بن أبى طالب).
و هنا صار الخطأ الأول الذى وقع فيه المسلمون و ألخصه فى عدم التنبه لخطر السير بلا إجتهاد او الوقوع فى أسر سيرة من رحل دون الإنتباه لتغير الزمان و تبدل المكان بإتساع رقعة الإسلام مما يدفعنا للتغيير و الإجتهاد...قال عبد الرحمن بن عوف لعثمان ألا إن وُّليتَ الأمر فكيف تسير فأجاب بكتاب الله و سنة نبيه و سيرة عمر بن الخطاب و إجتهاده ، و توجه بن عوف لبن أبى طالب فاجاب ان حكمه بكتاب الله و سنة نبيه و إجتهاده...وقع المحظور فى عدم التنبه لضرورة الإجتهاد كل عصر فلم يكن بن الخطاب على سيرة أبى بكر و كلاهما راشد و لكن لكل مقامٍ مقال و لكل حاكم سيرةً و إسلوب ، فرح الناس بعثمان و رأوا أن له من فضا إتّباع نهج سلفه ما يريح البال فإختاروه على شرط السير بإجتهاد بن الخطاب واضعين الجمود على خطى السلف كأول مسمار فى نعش الدوله المتماسكه.
مرت ست سنوات فى حكم بن عفان مستقره مستريحه إلا مما يوجد فى كل حكم من مشكلات تولدها الظروف ، فلم يكن مما يحدث خطرٌ أو خطأ يهدد أو يؤثم.
و تجئ الست الأخرى كالكارثه محققةً لما لم يحذروا منه...إتسعت الدوله و كثر المال و نهضت أكثر فأكثر مما ولد مظاهر سلبيه لم تعجب الكثيرين من الزاهدين و رأوا فيها إختلاف و مبادئ بعد عن الدين لم يكن بن الخطاب ليتركها فتوجهوا لبن عفان و على رأسهم أبى ذر الغفارى آمرينه بالتدخل كما كان عمر ليفعل..هنا كان من المنطقى أن يكون عثمان هو الحاكم الذى يفعل بإجتهاده فلم يجب ذلك و فضل السير بإسلوبه الخاص و هذا حقه حيث يعمل بإجتهاده ، لكن المشكله أنه قد تعهد بالعمل كما كان بن الخطاب ليفعل لو كان حياً فكانت نقطه خلافيه جوهريه إشتدت معها صيحات الصحابه من إنتقاد له فهو مطالب بتنفيذ ما وعد به من إجتهاد سلفه و هو لا ير ذلك ممكناً و يرى به خطرأ كبيراً إذ أن إجتهاده فر رأيه أصوب...كانت هذه بداية المشكله و مع الوقت قام عثمان بن عفان بنفى أبى ذر و غيره ممن شكلوا توترات كانت من وجهة نظرهم حق و كان تصرف عثمان سابقاً و تالياً سليماً من وجهة نظره.
مشكله أخرى إمتدت لتتفجر إذ وقع عثمان بن عفان فى فخ الإعتماد على بنى أميه أهله و آله.. رأى عثمان أن ذلك أصوب لكونهم موثوقين منه و فيهم يثق و هذا حافظ للأمه فى ظل الإتساع الرهيب للدوله ، و كان لذلك أثر مدمر إذ كثرت مظالمهم فى تلك الولايات و باتت الشكاوى كالمطر و أعود هنا لأقول أن هذا بات ضد التعاليم الإسلاميه بعدم تفضيل أحد على أحد عصبياً أو قبلياً أو دينياً و رجوع الأمر للخبره و الكفاءه ( ولى عمر بن الخطاب عبر عمرو بن العاص قبطياً نصرانياص على الجنوب المصرى الذى تم فتحه حتى وقتها ) ، هنا إنتظر الصحابه الذين أصلاً لم تعجبهم مسألة الإعتماد على آل أُميه أن يتراجع بن عفان و يعزل الولاه ، و كان رده الرفض إذ أن هذا مستحيل و إلا عرض البلاد للحروب الداخليه و كان هذا إجتهاده فالجيوش تقاتل و تحقق إنتصارات مذهله فى كل الجوانب و حركه كتلك ستقلب الجيوش و تقيدها و تنشر التوترات و الطرف الآخر يقول بأن إستمرار ذلك ظلم و فسق و طالبوه هنا بالخروج من الخلافه فقال قولته الشهيره الغريب : ( لن أخلع قميصاً البسهنيه الله ) جاعلاص الخلافه بالحكم الإلهى و ملغياً لسرة بن الخطاب الذى لم يرى فى تقويمه بالسيوف إلا التزام بالدين؟؟!.
السبب فى إجتهادى يعود الى الخطأ الذى أشرت اليه سابقاً فليس من المعقول أن ألتزم بإجتهاد من سبقنى و أقيد نفسى به فكان الأمر لأصوب لو تعهد بن عفان بالسير حسب إجتهاده كما قال بن أبى طالب.
تطورت الأمور لحد الكارثه و حاصر الكثير من الناس مسلمهم و منافقهم مجتهدهم و منحلهم بإسم الدين عثمان و قتلوه و بعضهم ظالم له و الآخر ظالم له و لنفسه.
هنا جاءت الكارثه الثانيه إذ بات إجتهاد عثمان ذو آثار كارثيه مع قوة شوكة بنى أميه و تزعم معاويه بن أبى سفيان لهم و رفضهم لتولية على بن أبى طالب ( و تشهد كتب التاريخ أنه رفض كليةً الخلافه تأثراً بدم عثمان و لولا أن أقسموا عليه بدم المسلمين الذى سيراق بالفتنه و ما سيحدث لو لم يوافق و لولا ان بات الخطر أمامه ما كان وافق أصلا بل إنه كان يهرب منهم فى كل مكان يذهبوا اليه فيه!!) هنا نعود للمشكله الأولى التى أتذكر أنى قد طرحتها فى مقال سابق بإسم الإسلام بين الحدود و نظام الحكم ، إذ أن رأيت و ما زلت أن المشكله كنت فى نظام الحكم الذى لم يكن موجوداً فى عهد عثمان و لم يُفعّل فى عهده بعد وجوده و تفعيله فى عهد بن الخطاب من عزل للحاكم إن أراد الناس و إعتبار الحكم بإرادة الناس و ليس بالإراده الإلهيه فلا يعزله أحد من البشر كما الزواج عند الأورذوزكس و الكاثوليك؟؟!
إشتدت الخلافات بين المسلمين مع إنهيار التفاهم المُّلد من نظام حكم عمر الراشد و بات المسلمون بين فريقين (معاويه بن أبى سفيان) و (على بن أبى طالب) الأول فى حقيقة الأمر طامع فى السلطه و قميص عثمان وسيله لها و الثانى تولى بالشرعيه الإسلاميه و بالشورى و له الحق فى سياساته و لكن القوه و الطمع فى الحكم أقوى.
معركتان قُل فيهما أكثر من عشرون ألفاً 20000 من المسلمين و تراشق فيهم الكل بالكفر فى أكبر مهزله و أسوا واقعه بعد الحره ( و هى واقعه قذره سأقصها فى مقال قادم لنعلم حقاً كيف كان الظلم بيد الخليفه و أعوانه من سفلة العلماء) و مع نهر الدم لم يكن أحد قادر على شئ.
وصلت الأمور الى حد النصر لعلىّ فالجيوش المعاويه هُزمت بقوه و بكثره و لم يعد لها أى أمل ، هرع معاويه الى صديقه و بنى قبيلته و عصبته عمرو بن العاص سائلاً إياه المشوره فكانت ان إرفع المصاحف على رؤوس الرماح و إطلبوا الحكم بكتاب الله ، فلن يقتل أحد منهم أحد خوفاً من أن يسقط كتاب الله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!
تم الجزء الأول و بطبيعته كان علىّ موافقاً و حُسم الأمر بأن يوكل علىّ أبو موسى الأشعرى و يوكل معاويه حبيبه الأثير عمرو بن العاص..و هنا موضوع المقال.
هل الدين هو المحرك هنا ؟ كلا بل السياسه ، هل الدين هنا سبب؟ كلا بل عنوان.
لم يتق عمرو بن العاص الله فى دم المسلمين و أقولها بألم و الله أعلم بحبى له و غيره من رافعى رأس الدين كخالد بن الوليد و سعد بن أى وقاص ( الذى إعتزل الأمر و قال أنه لن يشارك حتى يأتوا له بسيف ينطق بالحق بلسان) و لكن ماذا أقول من كلمات و الواقع ينطق.
جاء أبو موسى و عمرو و إتفقوا على ان يعلنا خلع علىّ من الولايه و خلع معاويه كذلك حتى ينتخب الملمون من يريدون على أساس قاعدة العدد الأكبر فى إنتخابات تشريعيه ممتازه.
قال أبى موسى : ( أخلع علياً كما أخلع خاتمى هذا ، فقال سامحه الله فيما فعل عمرو بن العاص و انا أُثبت معاويه كما أُثبت خاتمى هذا).
يحلوا للبعض الضحك و قول أن هذا دهاء و هو فى رأيى سقوط و فشل و غباء.
يحلوا للبعض القول بأن هذا إجتهاد و هو فى رأيى طمع و شهوه ليست من الإسلام.
يحلوا للبعض القول بأن عمرو لم يخطئ بل إجتهد و أقول أنه أجرم.
ألم يسأل نفسه ما الذى سيحدُث ؟
الإجابه بأى عقل هى أنه سيعود الدم و يصير القتلى 100 الف المره القادمه ، أى شخص كان ليعرف هذا و لكن عندما ننسى الدين و نتذكر السلطه نفعل أى شئ.
كانت الصاعقه أن وافق علياً على الأمر و إعتزل القوم و قال لكم خليفتكم و لم يكن مفاجئاً أن يقبل معاويه بذلك الكذب و الإجرام و الغدر فهو ليس طالب حق بل طالب ملك و الإثنان يختلفان ، و حقاص كان هذا الجزء الثانى من الخطه التى بدأت بينهما برفع المصاحف ثم التحكيم ثم الغدر.
أسأل الجميع ممن قرأ لم فعلها بن العاص رحمه الله ؟
و أكمل بأن علياً قتلوه لظنهم الكفر بما قبل من غدر و ظلم.
و أكمل بأن معاويه صار خليفه بعد رفض الحسن بن علىّ الحرب.
و أكمل بأن علياً مات و معه العدل و جاء الآخر مع الظلم البين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق